دار الحديث النبوي الشريف

Historical view | Photo Gallery | Badr Al-Deen | Rankousi | Midani | Al-Huassain
المقدّمة | محمّد أبو الخير الميداني | شيوخه | شمائله رضي الله عنه | حياته العلميّة | تلاميذه | بعض كراماته
القصر الشريف | مشيخة دار الحديث | الذين تخرّجوا من دار الحديث | أعضاء مجلس الأدارة | الشيخ عبد القادر القصّاب | المدرسة التي أسّسها | الخاتمة
المقدّمة | المعرفة الحقيقيّة لدار الحديث | أوقاف دار الحديث | شروط مشيخة دار الحديث | تجديد دار الحديث الأشرفيّة | فوائد | الخاتمة
ولادته ونسبه | صفاته وأقوال العلماء فيه | رحلاته ومؤلّفاته | شيوخه وتلاميذه | صورة الاجازة | بعض كراماته | تراجم عن حياته رحمه الله
نشأته رحمه الله | هيئته الخلقيّة رحمه الله | ملبسه المبارك | كرمه رضي الله عنه | احسان جبر الخواطر | باعه العلميّ | شجاعته وقوّته
المؤلّف الشيخ صلاح الدين فخري | ترجمته لحياة الشيخ محمود | ماكتبه عن الشيخ حسين | معرفته بالشيخ مختار العلايلي | تعرّفه على الشيخ محمود
المقام وبدر | التظاهر والستر | جبريل | أية الخمر والرفث و الحرث | التحكيم و بدر والتوبة | البهتان والأستئذان والحفظ | الأذان والمخاللة والمنافقين

small logo

: حياة فضيلة العلاّمة الشيخ محمود بعيون الرنكوسي

الحمد لله الذي رفع العلماء إلى أشرف المناصب وجعل العلم لهم سبباً ـ وأغناهم به وإن عُدموا مالاً ونسباً ، ووفقهم بعنايته فقاموا بخدمته رغباً ورهباً ـ وجعلهم في الدنيا كالأعلام وهداةً للأنام فاكتسبوا به مجداً وأدباً ـ فإذا وفدوا إليه في القيامة ألبسهم تيجان الكرامة ـ وناداهم أهلاً وسهلاً ومرحباً . ففي هذه الساعة المباركة من هذه الليلة، ليلة جلسة( الوفاء والثبات على العهد ) في جامع التوبة العُقيبة بدمشق بعد صلاة العشاء كالمعتاد الخميس الأول من الشهر العربي الذي يصادف 6 / رجب/ 1423 هـ الموافق لـ 12/ أيلول / 2002 قد وقع علي الاختيار من قبل صاحب الفضيلة سيد هذا المجلس الشيخ ( محمد هشام محمد سعيد البرهاني) حفظه الله وأدامه لأن أستخلص حياة فضيلة العلامة الراحل ( الشيخ محمود بعيون الرنكوسي)لظنه بي خيراً وإن كنت لست أهلاً لذلك للبون الشاسع بين الثرى والثريا فامتثلت لأمره جرياً على القول الثائر الامتثال خير من الأدب فأقول وبالله التوفيق

حياة المترجَمِ : فضيلةُ العلامة الشيخ ( محمود بعيون الرنكوسي ) المترجِم : ( حسين حسن صعبية ) وقد منَّ الله علىَّ أن كنتُ ملتزماً بين يدي الشيخ( محمود) مدة ثماني عشرة سنة، وقد أوصى رحمه الله تعالى بأن أكون خليفته من بعده، والمدير الشرعي لدار الحديث النبوي الشريف

نشأته رحمه الله نشأ شيخ العلم والعلماء ، وحافظ الديار الشامية (( الشيخ محمود بن قاسم بعيون الرنكوسي )) الحنفي مذهبا ً النقشبندي مشرباً ، في بلدة رنكوس ، وهي من قرى الشام ، تبعد عن دمشق حوالي خمسة وأربعين كيلو مترا ً من الشمال الشرقي ، من أب اسمه قاسم وأم اسمها فاطمة . وقد اشتهر بالرنكوسيِّ نسبة إلى بلدهِ التي منها أصل أجداده. فمنذ ولادته سنة ( 1329 هـ ـ 1910 م ) غمره والده بعنايته ، حيث تفتحت عيناهُ على بيتٍ مليءَ صفاءً ، وإيماناً ودينا وما إن أبصر نور الحياة، وبسقت أزاهيره ، حتى توفيت أمه وله من العمر سنتان . وكان في مقتبل صباه ذكياً ، فطناً ذو انتباه ، بقلب بالصفاء مشيد ، ورأي سديدٍ ، ومسلك رشيدٍ ، إذ كان ينمو نمواً وئيداً ، لا يحمل في قلبه غلاً ولا بغضاً فلم يكب كبوة على عادة الشبان ، ولم يخطُ خطوة زلة كعادة الركبان ، بل كان حفظ الله يحوطه كالسوار بالمعصم ، يسير بروعة ملحوظة فيها التوفيق والصفاء ، كأنه ملهم وقد أتم حفظ القرآن الكريم وهو ابن ست سنوات ، وكان يختم القرآن الكريم في كل يوم ، يبدأ بالقراءة من بعد صلاة الفجر ، ويختم بعد صلاة العصر . ـ وقد حضر إلى رنكوس الأستاذ الفاضل الشيخ ( غنام الرنكوسي ) رحمه الله وكان تلميذاً للشيخ (عبد القادر القصاب) ، وكان يحث والد الشيخ ( محمود) الشيخ ( قاسم ) على أن يذهب إلى دمشق ويطلب العلم على يد الشيخ المحدث الأكبر ( بدر الدين الحسني) ، فطلب الشيخ ( محمود) من والده أن يرسله مكانه، لأنه صغير السن ، ويستوعب أكثر من والده ، وكان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة . ووالده ( الشيخ قاسم بعيون ) ـ رحمه الله ـ يحب العلم وأهله ويحمل في طيات قلبه لهفاً فيه سر من الله تعالى بأن يكون ولده ( محمود ) من العلماء العاملين ومن الأولياء العارفين ، وكان يتوقع له ذلك في المستقبل القريب لما رأى منه من هالة ٍ رائعة مضيئة في حال صغره ، ولما رأى بين عينيه الوقادتين ذكاءً وفهْماً لا مثيلَ لهما . ولما شعر منه شعور إحساس وواقع وأن ولده ( محمود ) ينشأ ويشب شباباً لا مثيل له في كل جيل وقبيل ، ولله در هذا الوالد رحمه الله الذي تفرس بابنه بفراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله حين وقعت فراسته موقعها ، ووافقت تقادير المولى الكريم ، وكأنه محدث ملهم كسيدنا عمر ابن الخطاب صاحب ( الموافقات ) فكان أن حمله على مركب الصدق والأمل ، وطار به من غير جناح إلى دار الحديث الأشرفية في دمشق العصرونية سنة ( 1920 م تقريباً ) ووقف بين يدي الولي العارف بالله تعالى محدث الدنيا الشيخ ( بدر الدين الحسني ) رضي الله عنه ، وهناك المفاجأة الكبرى والكرامة العظمى ، والتخصص الإلهي ، والإكرام الرباني ، حيث نطق والده الشيخ قائلاً : يا شيخ بدر الدين لقد أتيت بولدي ( محمود ) خادماً وتلميذاً لك

فقال الشيخ:(بدر الدين ) رحمه الله : تريد أن تعرفني على(محمود ) وأنا كنت أربيه وهو في صلب جده . ما شاء الله ، لله درك يا شيخ ( بدر الدين ) فأنت صاحب السر القوي المتين . فهنا امتلأت مآقي والد الشيخ بدموع باردة دلالة على الفرح والسرور ، وتدحرجت على خديه حتى اخضلت لحيته بالدموع البراقة الفرحة ، وكأنها سطرت للدنيا كلها وكتبت : بدر الدجى شمس الضياء أجتمعا بارعـة الدنـيا بنور لمعـا وبدأ شيخنا رحمه الله من نعومة أظفاره وفي زهرة ربيعه يتلقى العلوم ويرتشفها ووعاؤه طاهر طيب ، ومعينه عذب لم تكدره الدلاء ، فكان كما قال : كنت أشعر يوم ذاك وكأن العلوم أرتشفها ارتشافاً ، وأستوعبها استيعاباً ،وقد رزقني المولى قوة على المطالعة ، وبديهية على فهم المسائل ، وقدرة على الحفظ والإتقان . ولما سألناه مرة عن طريقة سليمة لحفظ المتون حيث كنا نجد مشقة في حفظ ألفية ابن مالك ، فأرشدنا يومها إلى طريقة سلسة رائعة للحفظ فقلنا بأدب مسترشدين ومستوضحين : كيف حفظت الألفية يا مولانا ؟ فقال : لقد حفظتها في عشرة أيام على التمام والكمال ، حيث كنت احفظ كل يوم مائة بيت منها ، وكان هذا كله درساًعملياً وتوجيهياً لنا لشد الهمة على الحفظ والدرس . وبعد أن مضى على الشيخ ( محمود ) في دار الحديث سنتان ، جاء رجل من بلدة حمص اسمه أبو النصر خلف ابن الشيخ سليم خلف ـ وكان الشيخ ( محمود ) يحفظ الألفية ، ألفية ابن مالك فسأل الرجل الشيخ (محمود) : ماذا تحفظ ؟ فأجابه : ألفية ابن مالك . فقال له : كيف تعرب ( زيدٌ كريم ٍ) ؟ فأجابه الشيخ ( محمود ) : الصواب ( زيدٌ كريمٌ ) لأنها مبتدأ وخبر . فقال له الشيخ أبو النصر خلف : تصح ( زيدٌ كريم ٍ ) لأن إعراب زيد ـ مبتدأ ، والكاف اسم بمعنى مثل ـ هي الخبر ، والريم اسم للغزال ، فصار المعنى : زيد مثل الغزال . فقال له الشيخ أبو النصر خلف : سأدلك على أستاذ ليس له نظير على وجه الأرض في تعليم اللغة العربية ! اسمه الشيخ ( أبو الخير الميداني) وهو يدرّس في جامع التوبة ، اذهب إليه والتزم درسه . فأجابه الشيخ ( محمود ) : أنا لا التزم عند أحد حتى أستأذن أستاذي الشيخ ( بدر الدين ) . فيقول الشيخ ( محمود ) : صعدت إلى غرفة أستاذي المحدث الأكبر، وذكرت له ذلك ، فأطرق الشيخ ( بدر الدين ) رأسه وهو يراقب على قلبه فترة من الوقت ربع ساعة تقريباً ، ثم رفع رأسه وقال للشيخ ( محمود ) : اذهب إلى الشيخ ( أبي الخير) وقل له : أرسلني إليك ( بدر الدين ) وهو يسلم عليك . فذهب الشيخ ( محمود ) يسأل عن جامع التوبة وهو لا يعرف أين يقع الجامع ـ حتى دخل الجامع فوجد الشيخ ( أبا الخير الميداني ) وحوله حلقة تنوف عن أربعين طالباً ، فسلّم عليه بصوت مرتفع ـ وكان الشيخ ( أبو الخير) لا يحب أن يسلم عليه أحد أثناء الدرس ، فيقول : إن الملك يقذف الكلام على لساني ، فإذا تكلم أحد أثناء الدرس فإن هذا التجلي يذهب ـ فعندما شعر الشيخ (محمود ) عدم رضى الشيخ ( أبي الخير ) بالكلام أثناء الدرس ، استدرك قائلاً : إن مولانا الشيخ( بدر الدين ) أرسلني إليك وأمرني أن أقرأ عليك اللغة العربية وهو يسلم عليك ،فما كان من الشيخ ( أبي الخير الميداني ) إلا أن رد السلام واقفاً عند سماع الشيخ محمود قوله يسلم عليك الشيخ ( بدر الدين ) ، وقال للشيخ ( محمود ) أدن مني واجلس بجانبي ، وكان الشيخ ( أبو الخير ) يقرر أول درس من كتاب ابن عقيل شرح الألفية : قال محمد هو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك فجلس الشيخ ( محمود ) بجانب الشيخ ( أبي الخير ) ثلاثة أيام ، ثم قال له : أتأذن لي أن أجلس تجاهك ،لأن العين مغرفة الكلام

 

 

 

 

 

 

Valid XHTML 1.0!

Valid CSS!

About Us | Site Map | Privacy Policy | Contact Us | ©2004 Dar Al-Hadith