هذه الصفحة بقلم السيّد عرفان الربّاط من صفحة المحدّث
ولدالشيخ محمود الرنكوسيعام 1329 هـ (1910 م) في رنكوس، وهي قرية تقع 45 كيلو مترا شمال غربي دمشق. ويرجع أصله إلى قبيلة الأنصار رضي الله عنهم. وقد أخبرنا مرة أن أحد أجداده الصالحين كان "يري" الشيء بمجرد لمسه، فلذلك سُمّي "بَعيون"، ثم أصبح ذلك اسم تلك العائلة
توفيت والدته عندما كان عمره سنتين، غير أن الله تعالى حفظه في صغره من أخطاء وزيغ الشباب. وكان أبوه الشيخ قاسم صالحا واعتنى به جد الاعتناء فأدخله مدرسة حفظ القرآن، فحفظه وله من العمر خمس سنين
وفي أحد الأيام، ذكر أحدهم لوالده (الشيخ قاسم) الشيخ بدرالدين الحسني، المحدث الكبير في دار الحديث بدمشق رحمه الله. فأراد الشيخ قاسم الذهاب للدراسة عنده، وأثناء كلامه في ذلك قال له ولده: قد يكون من الأفضل أن أذهب أنا
فسأله والده: لماذا؟
فأجاب: لأني صغير (وكان عمره 12 سنة) وإنّ ذاكرتي أقوى
فسُرّ والدُه وأخذه بنفسه إلى الشيخ بدر الدين بدار الحديث. فبقي الشيخ محمود هناك يسكن ويدرس تحت إشراف الشيخ بدرالدين الخاص، والذي كان بيته متصلا بالمدرسة. ومع أن درجة العلم كانت عالية في ذلك العصر، فإن بعض الدروس بلغت من الصعوبة حيث لم يستطع إتمامها سواه
وبقي في دار الحديث بعد وفاة الشيخ بدر الدين، ثم أعان على تجديدها لاستيعاب عدد أكبر من التلاميذ. وصار كذلك من تلاميذ الشيخ أبي الخير الميداني المقربين، وأخذ عنه الطريقة النقشبندية، وصار من أسبق خلفائه من بعده
وذكر الشيخ محمود مرة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه "أعطاه لسانه" (وهو رمز "لقول السنة" والتكلم بها). وبالفعل فإنه عندما كان عندما يقرأ الحديث، فكأن بابا قد فـُتِح، فيرى السامع مباشرة من خلاله بهاء وجمال أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته. وقد كان فعلا يقصده أكابر العلماء من شتى أنحاء الأرض، طلبا للعلم والحديث، وكذلك طلبا للطريقة النقشبندية الخالية من أدران وشطحات بعض الصوفية، والأقرب إلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم