. من كتاب القضاء الربّاني لفضيلة الشيخ محمود بعيون الرنكوسي
كرامات الشيخ رحمه الله كثيرة جدا . بل حياته كلها كانت كرامات . ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله غير أني سأكتفي ببعضها القليل واللبيب تكفيه الاشارة
منها : كان رحمه الله يرى الميت ينعم أو يعذب في قبره ويذكر ذلك للاخوان الذين يكونون معه . فيقول لهم : ان فلانا ينعم في قبره وان فلانا يعذب في قبره ثم في آخر حياته كتم ذلك عن الناس ولم يذكر من أحوال الموتى لآحد شيئا ولقد سمعت هذه الكرامة من كثير ممن كانوا يلازمون الشيخ منهم المرحوم مصطفى الحلبي الشهير ( بأبي ياسين البغجاتي ) وكان من الملازمين للشيخ لزوم الظل لشاخصه . ولقد انتفع المذكور بالشيخ انتفاعا عظيما حتى كان يقول الشيخ عنه لو كنتم تعرفون أبو ياسين البغجاتي لحملتموه على رؤوسكم ولا مكنتموه أن يمشي على الأرض
ومنها : طي الطريق له فقد حدثنا بأنه كان في رمضان وبقي للمغرب دقائق وشرعوا في تهيئة مائدة الافطار فرأى الشيخ رحمه الله بطيخة كبيرة فاشتهاها لمرشده وشيخه الشيخ عيسى الكردي رحمه الله وكان بين البيتين مقدار ساعة زمنية فأخذ البطيخة من غير أن يشعر أحد من أهل البيت وخرج من البيت قاصدا بيت أستاذه ودفعها اليهم ثم رجع ودخل بيته قبل أن يؤذن المغرب
ومنها : حمايته من اللصوص الأشقياء وذلك أن اللصوص والأشقياء كانوا في طريق الشيخ ما بين دار الشيخ ودار الشيخ عيسى بين البساتين ما يمر مار الا وسلبوه ماله الا اذا كانوا جماعة كثيرة . وكان الشيخ رحمه الله في طريقه الى بيت أستاذه يرى هؤلاء اللصوص مدججين بالسلاح مشدودين الى الأشجار والجدران لايتكلم أحدهم بنت شفة الى أن يصل
ومنها : اضاءة الطريق له ليلا فانه رحمه الله كان يذكر كثيرا لآخوانه بأنه كان اذا مشى ليلا في الظلام قاصدا بيت أستاذه ومرشده يرى شخصا يحمل قنديلا من النور يمشي بين يديه حتى يوصله
ومنها : ملاقاة الصحابة الكرام والأولياء حين زيارته لهم . فانه ذهب ذات مرة مع الشيخ الحسيب النسيب المرحوم الشيخ مكي الكتاني ذهبوا لزيارة الصحابي الجليل سيدنا أبي عبيدة الجراح في أرض بيسان من فلسطين وتقدم الشيخ رحمه الله على الشيخ مكي ومن معه واذا بالشيخ أبي الخير رحمه الله فجأة وقف ونظر الى الشيخ مكي الكتاني وقال له انظر ان أبا عبيدة خرج لملاقاتنا . كما حدثني بذلك من أثق به من أهل العلم والفضل الذين كانوا معه في تلك الزيارة منهم – المخبر الأول السيد أبو الطيب القويدر حفظه الله وغيره
احساسه بلذة الطعام الذي يأكله الناس مع أكله الخبز من غير ادام وقد سمعت منه هذا مرات وكرات . فقال لي مرة . يا ولدي كان والدي الشيخ محمد حسين بكري فقيرا وكان اذا طلع الفجر يهتم كثيرا وكثيرا لاهتمامه من اين يأتي بنفقة هذا اليوم . وكانت والدتي رحمها الله تزودني الخبز الحاف وكنت في المدرسة الرشدية وكانوا رفاقي أولاد الوزراء والأمراء كل يأتي بطعام فيه مالذ وطاب من لحم ودجاج وغير ذلك وكنت محبوبا فيما بينهم ويتقربون الي لأنني كنت الأول بينهم في جميع دروسي ويدعونني لتناول الطعام معهم فلا أجيب أحدا منهم . كي لايرضى أحد ولايزعل أحد وكنت اذا وضعت قطعة الخبز الحاف في فمي أجد فيها ما يأكل منه اخواني الطلاب من لحم ودجاج وكبه وغيره حتى أني لآغسل يدي وفمي من دسومة الطعام
ومنها : اطلاعه على بعض المغيبات فانه أعطاني رسالة كي أضعها في البريد فوضعتها في جيبي ثلاثة أيام ناسيا لها فدخلت على الشيخ رحمه الله في اليوم الثالث أو الرابع بعد اعطائه الرسالة لي فنظر الي قبل أن أجلس وقال :( متى تضع الرسالة في البريد ) فاعتذرت وقلت ياسيدي كنت ناسيا فرجعت فورا ووضعتها في البريد
ومنها : اخباره لي بوفاته قبل سنة كاملة فقال لي ياولدي أنا أموت في هذا العام وانني أريد الذهاب الى مصر لآودع أولاد اخواتي هناك واخواني . وأريد أن تذهب معي فتأثرت كثيرا ودعوت له بطول العمر . وذهبت معه الى مصر وأقام فيها قريبا من الشهر زار وودع أقربائه واخوانه وكلما كنت معه منفردا في مكان ما يقول لي أنا سأموت في هذا العام . ولما رجعنا من مصر مرض الشيخ رحمه الله شهرا كاملا وكنت ممن يمرضونه وكنت لاأنام ولاتغمض لي عين في تلك الليالي فرحمة بي كان يأمرني أن أذهب الى بيتي في بعض الليال ويقول لي اذا احتجت اليك أخبرك هاتفيا فأذهب الى بيتي ولاأستطيع الراحة أبدا فأذهب الى الشيخ وأسأله عن حاله فيجيب أنا بخير والحمد لله ولكن الأمر كما أخبرتك به أي أنه سيموت في مرضه الذي هو فيه
ومنها : حصول الكشف له في مرضه ويرى ماأعد له من النعيم بحيث لايمكن لواصف أن يصفه فيقول لي ولمن كان معنا في ذلك المجلس أترون ماأرى ويشير بيده الى أمامه فنقول له لانرى شيئا ثم يقول ألا ترون ماأرى ويكرر ذلك كثيرا
ومنها : تحمل البلاء النازل من السماء عن الناس ويقول لنا في تلك الحال ليس الولي الذي يمشي على الماء فحسب لآن السمك يشاركنا ذلك وليس الولي من يطير في الهواء فحسب لآن الذباب والبعوض والطيور تشاركنا ذلك , وليس الولي الذي يخطو خطوة أو خطوتين فيصل الى الحجاز أو غيرها من البلاد فحسب لآنه يشاركنا في ذلك الملك والجن والشياطين , ولكن الولي الحقيقي هو الذي يتحمل البلاء والعذاب النازل من السماء على الناس , وهذا غيض من فيض لآن الكرامة الحقيقية هي الآستقامة على الشريعة فاستقامته على الشريعة والأدب المحمدي هو الكرامة العظمى التي لايوازيها كرامة . والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم