: محبّته لمشايخه
لما تكاملت محبته رحمه الله لمشايخه الذين سلّكوه الطريق والمعرفة والنور والإيمان واستفاد من إخلاصهم وتوجيههم كان كثير البكاء، فإذا مر على لسانه ذكر شيخه محدث الدنيا ( الشيخ بدر الدين الحسني ) رحمه الله الذي ارتشف منه نوادر الحكم وزينه بلوامع العلوم وسواطع المعرفة ، كان بكاؤه أكثر فأكثر ، وكذلك يكثر بكاؤه لتذكر من عاش معه ومكث واستفاد منه أكثر فأكثر وهو ( الشيخ أبو الخير الميداني ) صاحب السر والمعاني رضي الله عنه
ومره أكثرت النظر إليه وتمعنت بتقاسيم وجهه عند البكاء فرأيت وكأن النضارة كلها قد جمعت في وجهه وقبسات نور الأرض جعلت هالة أشد ضوءاً من القمر ليلة البدر ، فإذا ما سكن بكاؤه عاد إلى طبيعته الأولى وهيئته المألوفة والمعروفة . ومرة نظرت إليه أراقب تدحرج الدمعات من عينيه لما ذكر شيوخه الكرام فرأيت الدمع ينفر ويسقط من مآقيه نفراً حتى يصيب زجاج نظارتيه كتساقط مطر على زجاج فيصيب أرجاءه وجوانبه فلم يكن منه إلا ونزع النظارة ومسح عنها بعض ما أصابها من دموع الإخلاص والمحبة