لما كانت دار الحديث الأشرفية هي المهد الأسمى والموطن الدائم الباقي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعاليمه ولما كان التعرف عليها من الضروريات الملحة ليطلع على كنه تلك الدار القاصي والداني وليعلم المجتمع من هم العلماءوالمحدثون الذين نشرواالعلم والفضيلة في هذه الدار وما هي الاهداف التي حققتها وتحققها، أردت وضع هذه الرسالة المتواضعة ليطلع عليها الاخوة الراغبون والله الموفق للصواب
: موقع المدرسة
أقول : تقع دار الحديث الاشرفية في جوار باب القلعة الشرقي والغربي العصرونية وقد كانت دار الحديث الاشرفية هذه داراً للأمير صارم الدين قيماز بن عبد الله النجمي المتوفى سنة 596 هجري . وله فيها مقام شمال الغرفة الشرقية المجاورة لباب دار الحديث ، وكان للقبر نافذة تطل على الطريق ، وفوقها حجر منقوش عليه اسم صاحب القبر محاذٍ لشرقي باب دار الحديث . { ومنذ سنوات قليلة وضع على الجدار شباك خشبي مثبت عليه رفوف بعمق 20 سم اتخذ مكاناً لبيع بعض أدوات الزينة النسائية والخرداوات . غطت هذه الرفوف النافذة واسم صاحب القبر المنقوش على الحجر } وله أيضاً في الدار حمام ، فاشترى الملك الاشرف مظفر الدين تلك الدار ومعها الحمام وبناها داراً للحديث أخرب الحمام وبناه سكناً للشيخ المدرس بها
: البدء في عمارتها
بدأ الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن العادل من ملوك دولة الايوبية بمصر والشام في عمارة دار الحديث الاشرفية سنة 628 هـ فتمت عمارتها في سنتين حيث افتتحت سنة 630 هـ في ليلة النصف من شعبان المبارك وجعل على مشيختها الشيخ تقي الدين ابن الصلاح الذي أملى بها الحديث وألـّف مقدمته الشهيرة بمقدمة ابن الصلاح فيها
: وضع نعل النبي صلى الله عليه وسلم
وقد وضع موسى الأشرف بها نعلي النبي صلى الله عليه الذي أوصى به لموسى الأشرف النظام بن أبي حديد التاجر بدمشق لأن الملك الأشرف كان قد طلب النعل الشريف منالنظام ليجعله في دار الحديث فأبى عليه ، ولعدل موسى الأشرف لم يأخذ النعل المذكور قسراً عنه ، فلما حضرت الوفاة النظام بن الحديد أوصى لموسى الاشرف بالنعل فجعله في دار الحديث في الجدار القبلي في صندوق خشبي فوق المحراب هكذا سمعته من فم أستاذنا المحدث الكبر الشيخ بدر الدين رحمه الله حين سؤالي له عن المعنى اللطيف الذي عناه ابن السبكي في قوله ، حين زيارته لدار الحديث وهو
وفي دار الحديث لطيف معنى أصلي في جوانبها وآوي
عساني أن أمسّ بحُرِّ وجهي مكاناً داسه قدم النواوي
وصورة السؤال : ماهو المعنى اللطيف الذي قصده ابن السبكي في قوله : وفي دار الحديث لطيف معنى ؟ فأجاب الشيخ رحمه الله : هو أن موسى الأشرف لما بنى دار الحديث وضع نعل النبي صلى الله عليه وسلم . في صندوق خشبي ثم وضعه في الجدار القبلي فوق المحراب ، فقلت للشيخ رحمه الله ، وهل بقي النعل حتى الآن ، فأجاب الشيخ : لا ، فسألته عن السبب ، فقال : احترقت المدرسة ، واحترق معها ، ولكن بقي السر موجوداً حتى الآن وبعد الآن . ونقل أيضاً موسى الاشرف الى دار الحديث كتباً سنية ونفيسة ، وسمع بها تلك السنة هـ 360 صحيح البخاري على الذبيدي . هذا وقد احترقت دار الحديث الاشرفية مرتين : الاولى ، على يد التتار في القرن السابع هجري حين محاصرته لقلعة دمشق ، والثانية عام 1330 هـ الموافق 1912 ميلادي في زمن المحدث الاكبرالشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله ،حيث احترقت مكتبته النادرة المثال وأكثر مؤلفاته المخطوطة ، ودمرّ في هذا الحريق أربعة شوارع من شوارع مدينة دمشق مع مافيها من المدارس