مقتطفات من كتاب القضاء الربّاني
كان رحمه الله , مثاليا في علمه وأعماله وأخلاقه وتواضعه وأدبه . وكان خلقه القرآن الكريم وشمائله السنة المطهرة . وكان في جميع أعماله وأقواله وتصرفاته مرشدا ومربيا ومعلما . ولقد كان كثير ممن أحبوه ولازموه يتعلمون السنة من أعماله , وأفعالهما رآه أحد مرة الا ذكر الله تعالى وما اجتمع به انسان الا انتفع من علمه وفضله , فلم يكن يخلو مجلسه أبدا من تعليم وارشاد ونصح
وكان مهابا . وقورا . ورعا . متواضعا . لايرى نفسه أهلا لشيء . كريما كرما حاتميا . فانه خرج عن مكتبته التي كانت أعز الأشياء عليه مرتين زهدا في الدنيا ومآثرة للطلاب على نفسه . ما طلب منه شيء ورده أبدا ان كان موجودا لديه . ولم يمنع أحدا من الدخول عليه لا في ليل ولا في نهار حتى ولا في أوقات راحته . وكان يغضب حينما يقال له جاء فلان فسأل عنك فقلنا انه نائم ورجع . فيقول : لا لست نائما , لم لا تعلموني بذلك ؟ لعل له حاجة . ويقول( ان الله خلقني للناس لا لنفسي ) ما رآه أحد الا هابه ولم يصاحبه أحد الا أحبه , كان رحيما بالناس . صواما . قواما . زاهدا فيما في أيدي الناس . مقبلا على العلم والتعليم والارشاد والنصح لكل مسلم , بل للناس جميعا .كان بكاء من خشية الله تعالى , وكان لا يغضب الا لله تعالى أو لفوات درس من الدروس . أما بره بوالديه فكان عجيبا , وأما بره بمشايخه فكان العجب العجاب , حتى أنه يخدم كل من ينتمي الى مشايخه ويقول أنا عبد مملوك لهم . وأما رحمته بطلابه فكان أرأف بهم من آبائهم وأمهاتهم اذ كان يتفقد جميع احوالهم ويساعد المحتاج منهم ويعود مرضاهم , وكان يقدم لهم الهدايا في المناسبات كالزواج والحج والولادة
ولسنا نستملي صفاته الا من أعماله , ولا أعماله الا من شعاع حياته , ولا حياته الا من تاريخه الصادق . واذا كانت عظمة الرجال تقاس بما خلدوا من مآثر نافعة وما قدموا من جهود مشكورة ومساع مذكورة وما بذلوا لدينهم ووطنهم وأمتهم من جليل الأعمال , ومجيد الأفعال التي تمتد بها أيامهم , وتطول بها حياتهم , ويذكرها الناس جيلا بعد جيل ، وقبيلا اثر قبيل , فان الشيخ رحمه الله ضرب من ذلك بالسهم الأوفر والحظ الأكبر . فلقد ظل طيلة حياته كلها يعمل من اجل هذه الغاية السامية النبيلة حتى لقي ربه , وقضى نحبه في محراب العلم ومجالس الذكر ماجورامشكورا من الله والناس . مذكورا بالخير من تلامذته واخوانه والناس أجمعين
وأما وفاؤه لأقاربه وأرحامه وأصحابه ومعارفه فكان نادر المنال