ورعه وتوا ضعه وعبادته
كان رحمه الله تعالى ورعا متواضعا كريم النفس حسن الأخلاق سهل المقابلة لين الجانب .من ورعه عدم الفتيا بل يحيلها على أحد العلماء في مدرسته أو على المفتي العام واذا ثمة مسألة مشكلة ولم يفد أحد عنها من أهل العلم أمر أحد طلابه أن يكتب جوابها وهو يملي على الكاتب عن ظهر قلب مع استيفاء أدلتها وقد يحيل بعض ما في المسئلة الى محالها فيقول هي في كتاب كذا في صفحة كذا . ومن ورعه لايؤم في صلاة ولايخوض في أمور الدنيا ولايستمع الى غيبة أحد ولايمكن أحدا يخوض في كلام مباح بمجلسه فضلا عن غيره , واذا تكلم أحد في أمور الدنيا أسكته مهما كانت منزلته . ومن ورعه أنه اذا كان في المسجد لايكلم أحدا فيه . ومن ورعه واجتهاده في العبادة أنه كان يبالغ في الوضوء في الشتاء أكثر منه في الصيف لئلا تميل نفسه الى الارتياح ولذا كان لايمسح على خفيه أبدا . أما تواضعه فعجيب فقد كان يتوجه لزيارة أهل الصلاح والتقوى والفقراء ويزور مدارس الأولاد الصغار ويدخل عليهم ويطلب الدعاء منهم ومن معلميهم ويمسح رؤوس الأيتام منهم ويأتي السجون فيسلم عليهم وينصحهم ويتلطف معهم ويطلب دعاءهم ويأمر المظلومين منهم بالصبر فيزول مابهم من الشدة . ومن ورعه أنه لم يدخل في عمره دواوين الحكومة ولاقصورها واذا دعت الحاجة لذلك لم يتجاوز الباب الى داخله . ومن ورعه أنه كان يكره أن يقرأ التلميذ أمامه عبارة رد بعض العلماء على غيرهم بما يفهم التنقيص كقولهم ذكر فلان كذا وقد أخطأ بل يقول انظر اليها ولاتقرأها
كان رحمه الله تعالى صمته فكرا , ونطقه ذكرا , وقوله عبرة وحكمة , صائم النهار قائم الليل كثير التنفل لايفتر لسانه عن ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , متمسكا بكافة السنن المحمدية مصليا أوقاته كلها مع الجماعة مكثرا لتلاوة كتاب الله تعالى مصليا جميع نوافله قائما حتى مرضه وكنت أقوم من وراءه حالة تنفله قائما في مرضه مخافة السقوط , وكان لايرفع لقمة الى فيه الا قال بسم الله ولاأساغها الا قال الحمد الله . وكان عظيم الاعتناء بالمواظبة على جميع الرواتب – أي : السنن – القبلية والبعدية والوتر والضحى وصلاة التسابيح والأوابين وقيام الليل ونحوها من سائر النوافل يصليها كلها قائما الى أواخر حياته , ومازال على هذا الصراط السوي الى آخر ساعة من حياته فصلى قبيل وفاته الفجر والضحى ثم سلم روحه الطاهرة الى ربه العظيم