بقلم فضيلة الشيخ محمود بعيون الرنكوسي
الحمد لله رب العالمين المنعم بقوله : الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على صفوة خلقه سيدنا محمد المُبشَّر بقوله : إنما يلحق المؤمن بعد موته علم نشره وعلى آله وصحبه الكرام البررة . وبعد فلكي أكون من جملة المبشرين أحببت أن أشرح صفتي ربنا عز وجل وهما الرحمن والرحيم قبل المعرفة الحقيقية لدار الحديث الأشرفية فأقول من الله استمد العون وهو حسبي ونعم الوكيل : إن الله تعالى وصف ذاته العلية بصفتين مشتقتين من الرحمة وهما الرحمن الرحيم . فالرحمة لغة : رقة في القلب تقتضي التفاضل والاحسان ، وإذا أضيفت إلى الله تعالى هذه الصفة وسائر مشتقاتها كان معناها ما يترتب على رقة القلب في الانسان من التفضيل والاحسان القائمين على مزيد من اللطف بالخلق عليهم والاحسان إليهم ، فأما رقة القلب نفسها فإنها إمر يستحيل على الباري ـ جل وعز ـ فالتعبير إذاً تعبير كنائي كائني يطلق اللفظ فيه ويراد لازم معناه دون حقيقة معناه ، كما هو شأن الكناية دائماً في لغة العرب . وصفة الرحمن التي وصف الله ذاته بها كما تقتضي صيغة فعلان بلوغ غاية الصفة حتى لايكون وراءها شيء منها ، ولذا اختص الرحمن بالله تعالى لايجوز أن يسمى به غيره ، قال الله تعالى : قل أدعوا الله أو أدعوا الرحمن فعادل الاسم الذي لايشركه فيه غيره . وصفة الرحيم،كما تقتضي صيغة فعيل لزوم الصفة للموصوف بها لزوم الغرائزوالسجايا التي لاتحول ولا تزول فإذاً قد جمع الله تعالى لذاته العلية هاتين الصفتين العلية هاتين الصفتين في البسملة وفي كثيرمن آيات الكتاب العزيز فقد وعد الله عباده بأنهم داخلون في نطاق رحمتة بالغة غاية مداها.وملازمة للموصوف بها في الوقت نفسه ملازمة السجايا والغرائزحتى لاينفك عنه في حال ، فاعرف ذلك وتمثله وأنت تقرأ كتاب الله ، ثم تمثله كلماأصابك عنتً أو أحاطت بك مشقة تعلم أنك من الله تعالى في لطف لايتناهى ورحمة لايكاد يبلغها وصف مهما أوتي القادرعلى البيان من البيان ، وأصح بيان للقرآن ما بيِّن وفسِّر بالقرآن . قال تعالى : قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ولذا قال بعد الحكماء : إن بسم الله الرحمن الرحيم عنوان كتاب الله إلى عبده ، وإذا أرسل السيد إلىعبده في الدنيا كتاباًونظرالعبد الى عنوانه علم إن كان سيده راضياً عنه أم غاضباً عليه . والله تبارك وتعالى جعل البسملة مع الرحمة عنوان كتابه ولم يجعل عنوانه . بسم العزيز الجبار أو بسم شديد العقاب ليعلم الانسان أن الله سبحانه وتعالى راضٍ عنه ورفيق به،هذا ما فتح به الفتاح سبحانه وتعالى لبيان هاتين الصفتين موجزاً ما استطعت . رحمنا الله وأنالنا رحمته الواسعة التي وسعت كل شيء ،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين والحمد لله رب العالمين