الحمدلله الذي رفع العلماء الى أشرف المناصب . وجعل العلم للعلماء سببا. وأغناهم به وان عدموا مالا و نسبا. ووفقهم بعنايته، فقاموا في خدمته رغبا ورهبا، وكساهم به عزا وجلالة ومهابة. والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الذي أذهب الله بشريعته عن القلوب هما و غما صلى الله عليه وعلى آله و صحبه ومن سار على هديهم الى يوم القيامة
دارالحديث الاشرفية هي المعهد الأسمى والموطن الدائم الباقي لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و تعاليمه, ولما كان التعرف عليها من الضروريات الملحة على كنه تلك الدار القاصي والداني، وليعلم المجتمع من هم العلماء والمحدثون الذين نشروا العلم والفضيلة في هذه الدار، وما هي الأهداف التي حققتها و تحققها، أردنا وضع هذه الرسالة المتواضعة ليطلع عليها الأخوة الراغبون.
وقد كانت دار الحديث الأشرفية هذه دارا للأمير صارم الدين قيماز بن عبد الله النجمي المتوفى سنة 596 هجرية وقد دفن في هذه الدار. فاشترى الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل تلك الدار, وبدأ في عمارة دار الحديث الأشرفية سنة 628 هجرية, فتمت عمارتها في سنتين حيث افتتحت سنة 630 هجرية في ليلة النصف من شهر شعبان المبارك, وجعل على مشيختها الشيخ تقي الدين بن الصلاح الذي أملى بها الحديث وألف مقدمته الشهيرة بمقدمة ابن الصلاح فيها
وقد وضع موسى الأشرف نعلي النبي صلى الله عليه وسلم في صندوق خشبي في الجدار القبلي فوق المحراب, وقد احترق عندما احترقت دار الحديث الأشرفية على يد التتار في القرن السابع الهجري حين محاصرتهم لقلعة دمشق
وقد أنشأابن السبكي بيتين من الشعر حين زيارته لدار الحديث الأشرفية وهما
وفي دارالحديث لطيف معنى أصلي في جوانبها و آوي
عساني أن أمس بحرّ وجهي مكاناداسه قدم النواوي
وقد سأل أستاذنا و شيخنا الفاضل الشيخ محمود الرنكوسي رحمه الله تعالى المحدث الأكبر عن معنى اللطيف الذي قصده ابن السبكي في قوله: وفي دار الحديث لطيف معنى؟
فأجابه: احترقت دار الحديث واحترق معها النعل ولكن بقي السر موجودا في هذه الدار