دار الحديث النبوي الشريف

Historical view | Photo Gallery | Badr Al-Deen | Rankousi | Midani | Al-Huassain
المقدّمة | محمّد أبو الخير الميداني | شيوخه | شمائله رضي الله عنه | حياته العلميّة | تلاميذه | بعض كراماته
القصر الشريف | مشيخة دار الحديث | الذين تخرّجوا من دار الحديث | أعضاء مجلس الأدارة | الشيخ عبد القادر القصّاب | المدرسة التي أسّسها | الخاتمة
المقدّمة | المعرفة الحقيقيّة لدار الحديث | أوقاف دار الحديث | شروط مشيخة دار الحديث | تجديد دار الحديث الأشرفيّة | فوائد | الخاتمة
ولادته ونسبه | صفاته وأقوال العلماء فيه | رحلاته ومؤلّفاته | شيوخه وتلاميذه | صورة الاجازة | بعض كراماته | تراجم عن حياته رحمه الله
نشأته رحمه الله | هيئته الخلقيّة رحمه الله | ملبسه المبارك | كرمه رضي الله عنه | احسان جبر الخواطر | باعه العلميّ | شجاعته وقوّته
المؤلّف الشيخ صلاح الدين فخري | ترجمته لحياة الشيخ محمود | ماكتبه عن الشيخ حسين | معرفته بالشيخ مختار العلايلي | تعرّفه على الشيخ محمود
المقام وبدر | التظاهر والستر | جبريل | أية الخمر والرفث و الحرث | التحكيم و بدر والتوبة | البهتان والأستئذان والحفظ | الأذان والمخاللة والمنافقين

small logo

: كرمه رضي الله عنه

الكرم صفة كريمة من صفات النفوس التي رقت حواشيها ، وعلت معانيها ، يهديه الله لمن يشاء ويولد في قلبه وجوارحه روعة البذل والعطاء ، فيجود ويمنح ويكرم ويعطي ، وكلما أعطى أعطاه الله ، وكلما أنفق أنفق الله عليه . وكان شيخنا رحمه الله تعالى من هذا النوع النادر من أهل العطاء والكرم ، حتى غدت الدنيا لا وزن لها في قلبه ، بل كلما أقبلت إليه أدبر عنها وجعلها في كف قضاء الحوائج وتيسير العسير ، وقضاء ديون القاصدين ، وتفريج كربة المكروبين، وليس أحد من تلاميذه رضي الله عنه إلا واكتسب من هذا الخلق الندي. فقد كان جواداً كريما ًسخياً ندياً ، كثير العطاء والبذل ،ما قصده صاحب حاجة إلا وقضيت حاجته عمدة الكرماء ، وعميدَ المتصوفين النبلاء ،فقد كان يكرم بعض جماعته بمال جزيل ، مرة لنفسه ، ومرة ليفرقه على طلبته ، ولم يحضر عنده أحد لحاجة إلا قضاها ، حتى أضحى وقد اشتهر بالكرم
باسط اليد الخيرة الطيبة ، حتى عم خيره وبره وعطاؤه القريب والبعيد . وكنت مرة جالساً بجنبه فالتفت إليَّ وقال : ياولدي قد استوى عندي الذهب والتراب

وليس غريباً القول ، أنه كان يكرم الكثير من الخواص والطلاب المقربين ، لنظره الثاقب بهم يكرمهم بشراء مساكن لهم ، ستراً لعائلاتهم وصوناً لوجوههم وكفاً لأيديهم . وفي غابر الزمن واليد قليلة والنفس زاكية يجهد شيخنا رحمه الله نفسه في حال صباه ويعمل شهراً بكد يمينه وعرق جبينه ليوفر بعض المال من نفقات عائلته المتواضعة ليشتري كتاب فقه ـ حاشية ابن عابدين ـ ويبدأ بمطالعتها على نسق مألوف وأمر معروف ، ومن كان الكرم له عادة فإنه لا يخبو حتى لا يتحرك قلبه لأمر من أمور الدنيا مطلقاً . فيأتي أحد الطلبة والدارسين للفقه ويطلب الحاشية من شيخنا فما كان منه إلا أن قدمها له طيبة بها نفسه راضياً بذلك قلبه وهذه سمات وصفات الكرماء في الدنيا والنبلاء في الآخرة إذ السخي قريب من الجنة بعيد عن النار كما ورد . لقد تجمل رحمه الله بهذا الخلق الذي لفه الكرم من جميع جوانبه وأصابه ، وأصاب الجميع إصابة الشمس للأرض عطاءً وبذلاً مع التسليم بأنه صار سجية من سجاياه ، وطبيعة ركبت به ، واختلط بمجامع حواسه وأحاسيسه كما يختلط الماء بالعود الأخضر . ومرد هذا السر ، أنه تخصيص إلهي رباني زد على ذلك ما اكتسبه من مجالسته (للشيخ أبي الخير الميداني ) رضي الله عنه صاحب الرقة والمعاني طول المدى ومدة مصاحبته له . يبهر الأبصار بهدوئه وسمْته ، إذا تحدث ازدادت الأبصار انبهاراً ودهشة لحلو حديثه ، كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤٌ دريّ نادر . طاهر الكف نظيفه ، نقي الذمة دقيقها ، لم يكتسب إثماً ، ولم يقترف شبهةً زاده الورع الذي كان يترنم به ، والدهر الذي كان يتحلى به ، أن يأكل من عمل يده مشاركة مع زوجته بادئ أمره ، رجاء أن يكف نفسه وزوجته وأولاده عن الحرام. وقد أجمع أهل الشام على ورعه وتخلقه بتلك الصفات الحميدة الطيبة

: أدب في الكرم ووفاء عند الزيارة

وقد حدثنا شيخنا رحمه الله أن ( أبا الخير الميداني ) صاحب السر والمعاني زاره في مكان سكنه ــــ حيث كان الشيخ كما ذكر يسكن في منطقة ( جوبر ) خارج دمشق ــــ فقد أتى يزوره ويحمل الكثير من اللوازم والحاجات مما لذ وطاب ، حتى ملكت الشيخ الحيرة ، وعمه الخجل ، رئيس رابطة العلماء في البلاد الشامية يحمل بكلتي يديه حوائج ويقدمها له . يقول شيخنا رحمه الله يومها جلس عندي الشيخ أبو الخير برهة من الزمن غير يسيرة ، وسألني عن حالي وأحوالي وحدثني بحسن السيرة إلى أن ودعني وداع المشتاقين المحبين ، ولم تسعني الأرض برحبها لما لهذه الزيارة من وقع عظيم في قلبي ونفسي ، زد على ذلك أنه في اليوم التالي ذهبت إلى دكان البقال ( السمان ) لكي أسدد مااستدنت منه خلال الشهر من حوائج فقال لي : أمس أتى الشيخ الجليل الذي زارك وقضى عنك الدين كله ، وظننت أنه أخبرك بذلك ، قال : الشيخ ( محمود ) لم يخبرني الشيخ أبو الخير بذلك أبداً إلا أني عندما سألته قال والدمع في عينيه وبعد أن وضع يده على ذقنه : هذه الذقن تخدم ( محمود ) رضي الله عنك ياشيخ ( أبا الخير) يا صاحب الأدب والمحبة والوفاء والصدق . ولما ذكر لنا شيخنا رحمه الله هذه الحادثة الطيبة أعقبها بحادثة تماثلها قال : كان الشيخ( أمين سويد)العالم الكبير ، وكان قد حوى أربعين علماً بإتقان يدهش بها العقول وأفهام الأنام وهو أحد شيوخ السيد المكي كما سمعت ذلك من ابنه العالم العامل السيد عبد القادر قام في زيارة للولي الحسيب النسيب ( الشيخ محمد المكي الكتاني ) رضي الله عنه . وطرق الباب طارق ، وفتح الباب الشيخ( أمين سويد) فإذا بعامل الكهرباء الذي يجمع قيمة فواتير الكهرباء ، فأعطاه فاتورة المنزل ، فأوهم العامل أنه صاحب المنزل فدفعها الشيخ أمين سويد كلها وعاد ولم يعلم السيد مكي بذلك ، إلا بعد أن عاد العامل نفسه في الشهر الذي يليه فأخبره بذلك . وهذا يدل على خلق ندي وكرم وفي ومحبة رائعة تكاملت أوصافها واكتملت بالخير أطرافها . رضي الله عنهم ونفعنا بأخلاقهم الكريمة التي يقتبسونها من زين الوجود والكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . من هذا القبيل كان يردد الشيخ ( محمود ) على مسامعنا قول الشيخ( أبي الخير الميداني ) صاحب السر والمعاني : ياأبنائي ليس الولي هو الذي يطير في الهواء لأن الطير يشاركنا في ذلك ، لكن الولي هو الذي يصبر على أذى وتحمل البلاء عن الناس . ويعقب الشيخ رحمه الله ويقول : الصبر يكون بالعلم والمعرفة والوقوف على حقائق الناس ونفوسهم والتبحر في استمالة قلوبهم إلى طريق الخير والنور والدين والإيمان . ثم يضيف ويذكر قصة حصلت مع العارف بالله الشيخ محدث الدنيا ( الشيخ بدر الدين الحسني ) رضي الله عنه . وحاصلها : أن ( الشيخ بدر الدين ) رحمه الله على عادته الطيبة يعطي النصائح ويرشد إلى الفضائل . وينطق بالحكمة والحكم ، ففي يوم كان الشيخ يرافقه بعض الأحبة في زيارة خارج دمشق ، فقبل الخروج التفت إلى ( الشيخ محمود الرنكوسي ) رحمه الله وقال له : يا بني من خاف الله خاف منه كل شيء ، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء . وشيخنا لم يستغرب من ذلك إذ للشيخ( بدر الدين) كرامات جليلة كثيرة . ويصل الركب إلى الموضع المقصود ، بستان فيه كثرة من الأشجار والخضرة ويهجم اثنان من الكلاب الضارية ويتوجهان إلى الشيخ فلم يلتفت ، ولم يتأثر . يقول شيخنا : لقد اهتز قلبي ولكني مطمئن بمصاحبة الدرع المتين ، فإذا بالشيخ يلتفت ويخاطب الكلبين الضاريين ويقول : ألم يكف ؟؟ أبهذا تُستقبل الضيوف ... فيهز كل منهما ذنبه ويعود وكأنه يعتذر فعلمت قيمة الكلام الطيب الذي أعطانيه في بداية هذه الرحلة الطيبة

 

 

 

 

 

Valid XHTML 1.0!

Valid CSS!

About Us | Site Map | Privacy Policy | Contact Us | ©2004 Dar Al-Hadith