صعوبة التحدث عن الذات
من الصعوبة في مكان أن يترجم المرء لنفسه, وأن يصوغ عبارات عن غده وأمسه, ومادح لذاته قصم الظهر قالوا, اذ دأبهم تهمة النفس كي ينالوا. بيد أن المرء حينا لايجد من ذلك بدا لأمور عدة
أولا : التحدث بنعمة الله عليه
ثانيا : يتذكر ماضيه فيزداد شكرا
ثالث : للتفكر والتبصر والاعتبار
رابعا : الوقوف على قضاء الله وقدرته العجيبة
وكان بالامكان أن ينوب أحد الأحبة فيكتب عني ويذكرني, ولولا خشية سوء الأدب بأن أكلفه المشقة ومخافة الوقوع في تعكير قلبه لسعيت الى ذلك, بل وألتمس من القارىء المحب الصادق عذرا, وأن لاينظر الى ماكتبت هزرا, ان هو الا ماآتاني ربي اياه, ومنّ بنعمته على ماأراده واجتباه, وكم من مرة ذكر أهل الله تعالى منته عليهم, وفضائله الغزيرة التي أتحفهم بها, ومن أنا حتى أذكر تلك المناقب, وأعدد ثلة المآثر, وهل من الممكن أن تبقى رهين سر, أو البوح بها خير لنواظر الأيام وسنين المستقبل, ولو لم يكن فيها العبرة والفكرة والاتعاظ والاعتبار لكسرت قلمي, وانخذلت, وجفت محبرتي واختزلت, الا أن حياتي التي ملئت حكما واتعاظا واعتبارا هي التي أبكت القلم بما جاد به, وفتحت نوافذ الزمن لدخول نسائم الأخبار, وسطعت على صفحات الأيام لتكشف حقيقة الأقدار
وذكر المعتقد بما فيه يزيده تواضعا وثباتا وايمانا وتذكرا, ورحم الله الامام الولي الصالح الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه الذي كان يلبس أغلى الثياب ظاهرا, ويلبس الخيش ( وهو ثوب رخيص الثمن ) ملاصق جسده, فان تشوفت اليه نفسه, يهددها وينتهرها, ويقول : لها اخسئي وانظري ماذا ترتدين, فتستكين وتخبو