خطبة: سنة النكاح                     

الحمد لله جل ثناؤه.وتقدست أسماؤه . رفع النكاح وأعلى شأنه.وأقام بحلاله الأديان وجعل به بقاء الإنسان.عمَّر به البلاد . وكثر به العباد.وحض عليه في كتبه المنـزله فقال جل شأنه { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }

نحن بإزاء آية كريمة تنطق نوراً ورقة . وتروع صدقاً وقوة مما جاء به سيد البشرية قاطبةً الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم.منذ أربعة عشر قرناً.فهي تقرر أن المرأة آية من آيات الله.خلقها من أنْفُس الرجال لا من طينة أخرى.وخلقها لتكون زوجة لا لتكون خادماً.وخلق تلك الزوجة ليسكن إليها. فالزوجة سكن لزوجها . يسكن إليها.ليروي ظمأه الجنسي في ظلال من الحب والمودة والطهارة.فيسكن القلب عن الحرام . وتسكن الجوارح عن التردي في حمأة الرذيلة والانزلاقِ في مهاوي الخطيئة وذلك من الضرورات المعنوية التي لا يجدها المرء إلا في ظل المرأة .

ويقول الله سبحانه وتعالى أيضاً في محكم التنـزيل {هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهنَّ} ما أروع وأرق وأدق هذا الوصف . عندما يصف القرآن العلاقة بين الرجل والمرأة في تعبير دقيق جميل . ففي هذه الكلمات القليلة تصوير بارع لعلاقة الجسد وعلاقة الروح في آن.فاللباس أهم شيء ببدن الأنسان.وهو الستر الذي يستتر به.وهما سترٌ لكلِّ واحد للآخر.فهما من الناحية الجسدية ستر وصيانة.فليس أحدٌ أسترَ لأحد من الزوجين المتكلفين . يحرص كل منهما على عرض الآخر وماله ونفسه وأسراره أن ينكشف منها شيء . وهما كذلك وقايةٌ تغني كلاً منهما عن الفاحشة وأعمال السوء . كما يقي الثوبُ لابسه من أذى الهاجرة والزمهرير . وبعد هذا العرض القرآني نستعرض واقعنا الحالي الاجتماعي عند بعض الأسر الذين ابتعدوا عن تعاليم الشرع الحنيف . وعن مبادئ الشريعة المطهرة إذ يوصي أهلُ العروس الأنثى وخاصة والدتها بقولها . اسمعي يابنية . لما أوحيهِ إليك إياك أن تُطأطئي راسك الذي ارتفع في بيت والدك امام زوجك وبيتِ حمَاكِ . إياك أن يعلوَ زوجُك حائِطَكِ إياك والتذلل والتواضع له كوني صلبةً والآمرةَ والناهية.وأيُّ إهانة تحصل من زوجك لك فتجرح شعورك . فالبيت الذي تربيت فيه مفتوح لكرامتك.وأمثال ذلك يوصي أهلُ العريس وعلى أشد.

فيا إخوتي أين نحن من تعاليم الإسلام . ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ففي هذه المناسبة سأروي لكم وصيةَ أعرابيةٍ قدمتها هديةً لابنتها ليلة زفافها.فأعربت مفصحةً لها بقولها .

أي بنية :

إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك . ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل . ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها . وشدة حاجتهما إليها. لكنت أغنى الناس .

أي بنية:

إنك فارقت الجو الذي منه خرجت . وخلفت العش الذي فيه درجت . إلى وكر لم تعرفيه .وقرين لم تألفيه.فاحملي عني عشر خصال تكن لك ذخراً .

1ـ اصحبيه بالقناعة ، ـ وعاشريه بحسن السمع الطاعة ،3ـ وتعهدي موقع عينيه فلا تقع عينه منك على قبيح،4ـ ثم اعرفي وقت طعامه،5 ـ واهدئي عند منامه  فإن حرارة الجوع ملهبة،وتنغيص النوم مَبغضه ،6ـ ثم اتقي مع ذلك الفرح أمامه إن كان تَرِحا .7ـ والاكتئاب عنده إن كان فرحا،فإن الخصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير8.  ـ وكوني أشد الناس له إعظاماً ، يَكن أشدهم لك إكراماً . 9 ـ واعلمي أنك لاتصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك . 10ـ وهواه على هواك ، فيما أحببت أو كرهت ، والله يخير لك .

فأضعنا الطريق الرشيد،وفقدنا المصباح المنير.فسار أغلبنا في بياء الجهالة فلا يدرون إلى أين هم سائرون . فأفيقوا أيها الناس من غفلتكم . فارجعوا إلى أحكام شريعتكم وأشيعوا فكرة الزواج فيما بينكم . على الطريقة الإسلامية . وزوجوا البنين والبنات.ولا تتكلفوا بالنفقات التي ما أنزل الله بها من سلطان.وفتشوا عن الدين والخلق . قبل أن تفتشوا عن المال والجاه . فكم من غني موسر شرس الخلق.قد أشقى زوجته وجعلها في جحيم وسعير وكم من فقير متدين خلوق قد أسعد زوجته وجعلها في جنة ونعيم . وكم من غني تزوج بأبهى الحلل.ثم بعد قليل أصبح من أفقر البشر.وكم من فقير تزوج وهو لايملك الا نفسه وزوجته.وبعد فترة من الزمن أصبح من كبار الأغنياء.فالمال والجاه والمناصب والرتب أعراض زائلة . ومظاهر ضائعة . وأما الدين والخلق فهما جوهران باقيان يصحبان المرء ما بقي فيه لسان ناطق وقلب خافق . ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم { إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض } وقال عليه الصلاة والسلام { تنكح المرأة لأربع

خطبة الجمعة في جامع الدلامية                                    

للشيخ حسين صعبية

بتاريخ 9 شوال 1418 هجري

الموافق 6/2/1998 م