الله أكبر:ما صام المسلم عن الشهوات إرضاء لربه قيومِ الأرض والسموات.
الله أكبر:ما قام المصلي بين يدي الله متدبراً الآيات.فازداد إيماناً ورغبةً في الطاعات.
الله أكبر:ما كانت الفضائلُ أساسَ العلاقاتِ.فطابت الحياةُ بحُسْنِ المعاملات.
يقول الله تبارك وتعالى:{ قد أفلح مَنْ تزكى . وذكر اسمَ ربه فصلى }
أيها المؤمنون السعداء.
هذا يومُ عيدٍ سعيد.يومُ تهليلٍ وتكبيرٍ وتحميد.في هذا اليوم المبارك يتجلى المولى على المخلصين بمزيد الإنعام.ينظُرُ فيه إلى أهل الصدق والوفاء والمودة والمحبة.ينظرُ فيه إلى مَنْ تاب وراقب في السر والعلانيةِ ربَّه.ينظُرُ فيه إلى مَنْ تغافَلَ عن عيوب الناس.ولعيوبِ نفسه تَنَبَّه عَقِبَ الصيام.شُرِعَ عيد الفطر.شكراً لله بعبادته وتكبيره وتسبيحه وتحميده لتوفيقه.لتأدية هذا الفرض الذي يُعلنُ المساواةَ بين الناس.ويُوَحِّدُ بين القلوب . فإنَّهُ فُرِضَ علىكل مَنْ شَهِد رمضان.فيصومُ الغنيَّ كما يصوم الفقيرويصبر ويتذوق طعْمَ الألم والحِرمان كما يصبرُ ويتذوق ذلك المحتاجُ والمسكينُ الذي يعطِفُ عن طيب خاطر وهو حامدٌ شاكرٌ لأَِنْعُمِ الله . وما أعَظَمَ الصبرَ الذي يُثمِرُهُ الصيامَ . فهو عُدَّةُ الحياة والقوةُ التي ينالُ بها المرءُ مُناهُ.
رُوِيَ عن سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أنه رأى ولدً له يوم عيدٍ وعليه قميصٌ خَلَقٌ قديم ، فبكى سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فقال له ولدُهُ ما يُبكيكَ يا أبي.فقال:يا بني أخشى أن ينكسر قلبُك في يوم العيد إذا رآك الصبيانُ بهذا القميص الخَلَقِ القديم.فقال:يا أمير المؤمنين إنما ينكسر قلبُ مَنْ حَرَمهُ الله رضاه أو عقَّ أمَّهُ وأباه.وإنما لأرجو أن يكونَ الله راضياً عني برضاك. فنظر إليه سيدنا عمر بن عبد العزيز وقبلَّهُ بين عينيه ودعا له.وهو يبكي بكاءَ الفرح لمعرفته السبيلَ الحقَّ لسعادة الدارين . وحِرصِه عليه . وهو رضا الله الذي ينالُهُ مَنْ استقام في رمضان.مخلصاً له تعالى . وتهذبت بالصيام نفسُهَ . وحسُنَتْ علاقتَهُ بالخالق والمخلوق . وعملَ بقوله صلى الله عليه وسلم { اتقِ الله حيثُما كنت . وأتبع السيئة الحسنة تمحها . وخالق الناس بخُلُقٍ حسن }.
عباد الله :
بعد قضاء صلاة العيد.وبعد هذا الحفل الذي تحضُرُه الملائكةُ ليشهدوا أعمال المتقين ينصرِفُ الناسُ إلى منازلهم واصلين أقرباءهم.متزاورين أحباباً في الله.يربِطُهُم ببعضهم حب الله.وقد قال تعالى في الحديث القدسي :{ وجَبَتْ محبتي للمتحابين فيَّ . والمتجالسين فيَّ . والمتزاورين فيَّ . والمتبادلين فيَّ }
فما العيد إلا لمن اتقى ربه . وعَرَفَ الفقيرَ بالصدقة.والقريبَ والأهلَ والجارَ بالصلةِ والمودة الخالصة . وإدخالِ السرور عليهم . وكان رفيقاً حَسَنَ المعاملة . عفوَّاً تقيَّ القلب طاهر النفس . رحيماً بهم . فلولا رحمةُ الله سبحانه.ما كان فرحٌ وسرور . ولذلك كان سلفنا الصالح . يسألون في هذا اليوم رحمةَ الله القائل : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون } وقف سيدنا عمر بن عبد العزيز بعد صلاة العيد فقال : اللهم قلت،وقولُكَ الحقَ { إن رحمت الله قريبٌ من المحسنين }فاِنْ كنتُ من المحسنين فارحمني. وإن لم أكن من المحسنين فقد قلتَ {وكان بالمؤمنين رحيماً} فارحمني،وإن لم أكن من المؤمنين فأنت أهلُ التقوى والمغفرة . فاغفرلي . وإن لم أكن مُستحقاً لشيءٍ من ذلك فأنا صاحبُ مصيبةٍ ، وقد قلتَ { الذين إذا أصابتهُم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة.وأولئك هم المهتدون} اللهم فارحمني.
بتاريخ 1 شوال 1418 هجري